السعادة الحقيقية
إن السعادة الحقيقية أن تلجأي إلى الله تعالى .. وتتضرعي له .. وتنكسري
بين يديه .. وتقومي لمناجاته في ظلام الليل .. ليطرد عنك الهموم والغموم .. ويداوي جراحك .. ويفيض على قلبك السكينة والانشراح …
إذا أردتِ السعادة فاقرعي أبواب السماء بالليل والنهار .. ..
صدقيني يا أختاه .. إن الناس كلهم لن يفهموك .. ولن يقدروا ظروفك .. ولنيفهموا أحاسيسك .. وحين تلجأين إليهم .. فمنهم من يشمت بك .. أو يسخر منأفكارك ..
ومنهم من يحاول استغلالك لأغراضه ومآربه الشخصية الخسيسة .. ومنهم من يرغب في مساعدتك .. ولكنه لا يملك لكِ نفعاً ولا ضراً …
أختاه : إنكِ لن تجدي دواءً لمرضك النفسي .. لعطشك وجوعك الداخلي .. إلابالبكاء بين يدي الله تعالى ..ولن تشعري بالسكينة والطمأنينة والراحة .. إلا وأنتِ واقفة بين يديه .. تناجينه وتسكبين عبراتك الساخنة .. وتطلقينزفراتك المحترقة .. على أيام الغفلة الماضية …
ربما تقولين يا أختاه: لقد فكرت في ذلك كثيراً … ولكن الخجل من الله .. والحياء من ذنوبي وتقصيري يمنعني من ذلك .. إذ كيف ألجأ إلى الله وأطلبمنه المعونة والتيسير .. وأنا مقصرة في طاعته .. مبارزة له بالذنوبوالمعاصي …
سبحان الله …يا أختاه : إن الناس إذا أغضبهم شخص وخالف أمرهم … غضبوا عليهولم يسامحوه .. وأعرضوا عنه ولم يقفوا معه في الشدائد والنكبات … ولكنالله لا يغلق أبوابه في وجه أحد من عباده .. ولو كان من أكبر العصاةوأعتاهم .. بل متى تاب المرء وأناب … فتح له أبواب رحمته .. وتلقاهبالمغفرة والعفو .. بل حتى إذا لم يتب إليه … فإنه جل وعلا يمهله ولايعاجله بالعقوبة … بل ويناديه ويرغبه في التوبة والإنابة …
أختاه: إنني مثلك أبحث عن السعادة الحقيقية في هذه الدنيا .. ولقد وجدتهاأخيراً .. وجدتها في طاعة الله … في الحياة مع الله وفي ظل مرضاته .. وجدتها في التوبة والأوبة .. وجدتها في الإستغفار من الحوبة … وجدتها فيدموع الأسحار .. وجدتها في مصاحبة الصالحين الأبرار … وجدتها في بكاءالتائبين .. وجدتها في أنين المذنبين .. وجدتها في استغفار العاصين .. وجدتها في تسبيح المستغفرين .. وجدتها في الخشوع والركوع .. وجدتها فيالانكسار لله والخضوع .. وجدتها في البكاء من خشية الله والدموع .. وجدتهافي الصيام والقيام .. وجدتها في امتثال شرع الملك العلام .. وجدتها فيتلاوة القرآن … وجدتها في هجر المسلسلات والألحان …
أختاه : لقد بحثت عن الحب الحقيقي الصادق .. فوجدت أن الناس إذا احبواأخذوا .. وإذا منحوا طلبوا .. وإذا أعطوا سلبوا .. ولكن الله تعالى .. إذاأحب عبده أعطاه بغير حساب .. وإذا أطيع جازى وأثاب ..
أختاه : لن تجدي أحدا يمنحك ما تبحثين عنه .. إلا ربك ومولاك .. فإن الناسيغلقون أبوابهم .. وبابه سبحانه مفتوح للسائلين .. وهو باسط يده بالليلوالنهار .. ينادي عباده : تعالوا إلي؟ هلموا إلى طاعتي .. لأقضي حاجتكم .. وأمنحكم الأمان والراحة والحنان .. كما قال تعالى: **وإذا سألك عبادي عنيفإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهميرشدون**
أختاه : إن السعادة الحقيقية .. لا تكون إلا بالحياة مع الله .. والعيش فيكنفه سبحانه وتعالى .. لأن في النفس البشرية عامة .. ظمأ وعطشاً داخلياً .. لا يرويه عطف الوالدين .. ولا يسده حنان الإخوة والأقارب .. ولا يشبعهحب الأزواج وغرامهم وعواطفهم الرقيقة .. ولا تملأه مودة الزميلاتوالصديقات .. فكل ما تقدم يروي بعض الظمأ .. ويسقي بعض العطش .. لأن كلإنسان مشغول بظمأ نفسه .. فهو بالتالي أعجز عن أن يحقق الري الكامل لغيره .. ولكن الري الكامل والشبع التام لا يكون إلا باللجوء إلى الله تعالى .. والعيش في ظل طاعته .. والحياة تحت أوامره .. والسير في طريق هدايته ونوره .. فحينها تشعرين بالسعادة التامة .. وتتذوقين معنى الحب الحقيقي .. وتحسين بمذاق اللذة الصافية .. الخالية من المنغصات والمكدرات .. فهلاجربتِ هذا الطريق ولو مرة واحدة .. وحينها ستشعرين بالفرق العظيم … وسترينالنتيجة بنفسك …
أختي الحبيبة .. إذن فلنبدأ الطريق .. من هذه اللحظة .. وهاهو الفجر ظهروبزغ .. وهاهي خيوط الفجر المتألقة تتسرب إلى الكون قليلاً قليلاً .. وهاهي أصوات المؤذنين تتعالى في كل مكان .. تهتف بالقلوب الحائرة والنفوسالتائهة .. أن تعود إلى ربها ومولاها .. وهاهي نسمات الفجر الدافئةالرقيقة .. تناديك أن عودي إلى ربك .. عودي إلى مولاك .. فأسرعي وابدئيصفحة جديدة من عمرك … وليكن هذا الفجر هو يوم ميلادك الجديد .. وليكن أولما تبدئين به حياتك الجديدة .. ركعتان تقفين بهما بين يدي الله تعالى .. وتسكبين فيها العبرات .. وتطلقين فيها الزفرات والآهات .. على المعاصيوالذنوب السالفات.
تقبلي مروري