بداية نحب أن نهنئك على هذا القرار الشجاع الذي يعد بحق أهم قرار في حياتك فهذه اللحظة التي قررت فيها أن تسلم لله رب العالمين هي لحظة ولادتك الحقيقية ... هي اللحظة التي تحررت فيها من عبادة الذين افتروا على الله الكذب وحرفوا دين المسيح واتبعوا أهواءهم إلى عبادة الإلـه الحق..
وأنت الآن قد أصبحت على دين محمد والمسيح عليهما الصلاة والسلام فاعلم أن أعظم نعمة أنعمها الله عليك هي أن وفقك لدخول الإسلام فاحرص على أن تحسن شكر الله عليها و اعلم أن هذه النعمة لا توازيها نعمة أخرى فمهما كلفتك من أجل الحفاظ عليها فهو يسير وكل مصيبة بعد مصيبة الدين هينة
أول ما يتعين عليك فعله بعد اتخاذ هذا القرار كما تعلم – إن لم تكن قمت بهذا بالفعل- هو النطق بالشهادتين فتقول بلسانك وقلبك : أشهد أن لا إلـه إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله . أنت الآن قد أصبحت مسلما فهنيئا لك الإسلام . ومعني هذه الكلمة أنك تشهد أنه لا معبود بحق إلا الله سبحانه وتعالى فيجب أن تتخلى عن عبادة كل ما سوى الله والعبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى من الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة وإفراد الله بالعبادة يعني أن يكون توجهك وقصدك في كل عباداتك ودعائك ومناجاتك بل وجميع حياتك إلى الله وحده وتذر ما كنت تدعو من دونه قبل ذلك ومن لوازم (لا إله إلا الله) أن تؤمن أن المسيح عيسى بن مريم عليه السلام رسول الله وروح منه خلقه الله بمعجزة إلهية من أم وبدون أب وهو بشر مثل سائر الأنبياء والمرسلين قد رفعه الله إلى السماء وسوف ينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة مرة أخرى وحينها سوف يعم السلام وتكثر البركة وتُرفع الشحناء والضغينة ولا تبقى ملة غير ملة الإسلام ثم يموت مثل سائر البشر ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه وأما الروح القدس فهو جبريل عليه السلام وهو ملك كريم من أفضل الملائكة أنزله الله بالوحي والتأييد على الأنبياء والمرسلين ومن لوازم التوحيد أيضا أن تؤمن أن الله وحده هو المتصرف في أمور الكون جميعا وأن تجعل كل توكلك عليه وحده وخشيتك منه وحده ورجاءك فيه وحده وتنفي عنه المثل والشبيه والولد فالله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وأن تحب ما يحبه الله وتبغض ما يبغضه الله وأما الشطر الثاني من الشهادة فهو إيمانك بأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو عبد الله ورسوله و هو بشر مثل سائر البشر - بل هو خير البشر- اصطفاه الله برسالته ووحيه على الناس وأنزل عليه القرآن مفصلا لما كان من قبله من الكتب ومهيمنا عليها وأنزل فيه منهج الحياة للناس جميعا إلى يوم القيامة فبلغ النبي رسالة ربه إلى الناس ونصح لهم حتى أتاه اليقين وتوفاه الله رب العالمين والإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم يشمل تصديقه في كل ما أخبر وطاعته ما استطعت في كل ما أمر وحبه أكثر من نفسك وولدك وتحكيم سنته في شتى جوانب الحياة والرضا بحكمه في صغير الأمور وكبيرها والإيمان بالله وبالرسول صلى الله عليه وسلم يتطلب إيمانك بالكتاب الذي أنزله الله على رسوله وهو القرآن فيجب أن تؤمن أن القرآن كلام الله الذي أوحاه إلى رسوله وأن كل ما فيه حق وأن الله حفظه بقدرته من التحريف والتغيير وقد جعله معجزة للناس قال تعالى : " قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا "
بنطقك الشهادة تكون قد طهرت قلبك من أدران الشرك وورواسب التثليث والتجسيم والوثنية ولتجمع الطهارة الحسية إلى الطهارة المعنوية عليك أن تغسل جسدك كله بالماء ووتتوضأ وحينها تكون مستعدا للإقبال على الله بالصلاة وقراءة القرآن .
اعلم أخي الكريم أنك من هذه اللحظة أصبح واجبا عليك ما يجب على المسلمين في جميع أنحاء الأرض من القيام بالفرائض واجتناب المحرمات وأهم الفرائض هو التوحيد لذا فأهم ما ينبغي عليك تعلمه هو العقيدة السليمة وأولى الكتب بالقراءة هو كتاب الله – القرآن- فاحرص على أن تنهل منه ما يروي ظمأك وعلى أن يكون لك ورد ثابت (أي عدد معين من الآيات أو الصفحات) تقرأه يوميا و إن كان في اصطحابك مصحفا خطر عليك من أن تُعرف حقيقة إسلامك بين أهلك فيمكنك القراءة من الكمبيوتر والرجوع إلى تفسير مختصر للقرآن مثل تفسير الجلالين ومن الكتب الجيدة للقراءة كبداية كتاب تعريف عام بدين الإسلام للشيخ على الطنطاوي رحمه الله.
الأمر الثاني الذي ينبغي عليك تعلمه أخي الحبيب هو أركان الإسلام التي بفعلها تكون قد حققت العبودية لله رب العالمين وأنت الآن قد قمت بالفعل بأداء الركن الأول وهو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أما بقية الأركان فهي إقام الصلاة وأداء الزكاة وصوم رمضان والحج إن استطعت إليه سبيلا. وهؤلاء كلهم يمكنك تعلم أحكامهم من الإنترنت.. ولاحظ أنك أيضا بحاجة لتعلم أحكام الطهارة التي لا تصح الصلاة إلا بها وإن استطعت أن تتعلم أحكام الصلاة والوضوء بصورة عملية من أحد أصدقائك المسلمين بالإضافة للقراءة في الكتاب يكون أفضل واعلم أن الإسلام يمحو كل ما قبله من ذنوب فأنت الآن قد فتحت صفحة بيضاء جميلة فحاول ألا تدنسها بالمعاصي.
والآن بعد أن صححت أهم جانبين في حياتك وهما جانب العقيدة والعبادة أحب أن ألفت نظرك لأمور عشر
أولا : إذا كنت عزمت على الدخول في الإسلام ولكنك تؤجل النطق بالشهادة حتى يتهيأ الجو المناسب أو تنتهي بعض المشاكل أو تتخلص من بعض العادات السيئة المحرمة في الإسلام أو تحين الفرصة المناسبة لذلك فقد أخطأت التقدير فإنك أن تؤمن بالحق حالا وتنتهز فرصة حياتك وتدخل الإسلام وتواجه بعض المشاكل الصغيرة خير لك من أن تبقى على الباطل منتظرا أن تحين الفرصة المناسبة وأن تكون مسلما عاصيا خير لك من أن تكون كافرا وأنت لا تضمن عمرك فالفرصة قد جاءتك والوقت المناسب للدخول الفعلي في الإسلام والنطق بالشهادتين هو الآن بمجرد أن تنتهي من قراءة هذه الجملة.
ثانيا : لا تنتظر أن يخبرك أحد بأنك قد اخترت الدين الصحيح ولكن كما أنك اخترت الإسلام بنفسك فتوقع أن يكون إحساسك بأنك اخترت الدين الحق نابعا من داخلك.. من الطمأنينة التي تجدها في قلبك حين تذكر الله.. من السعادة الداخلية التي ستغمرك حين تركع وتسجد لله رب العالمين .. من الصفاء الذي ستشعر به في روحك ..من الرضا والسرور بأنك قد وجدت المنهج المتكامل الذي يجب أن تسير عليه في حياتك .
ثالثا : من الطبيعي أن يتعرض الإنسان في الفترة الأولى لبعض الاختبارات من الله التي يخرج منها الإنسان المخلص في طلب الحق وقد ازداد إيمانه وازداد يقينه وعلا قدره عند الله و من كان في قلبه مرض فإنه يسقط في الفتنة وهذا نوع من التمحيص والغربلة للمؤمنين " وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ "
رابعا : أغلى ما يملك الإنسان هو دينه ودينك أغلى من لحمك ودمك وسلامة الدين لا يعدلها شيء فعليك أن تكون مستعدا لأي رد فعل يصدر من المقربين إليك فإذا تعرضت لفتنة في دينك فاثبت يا عبد الله وابتغ الأجر من الله وإن اضطررت للاختيار بين دينك وأي شيء من متاع الدنيا مهما كان فلا تؤثر على الدين شيئا فالدنيا تُعوّض والدين لا عوض له والدنيا فانية والدين باق وإن تعرضت لأذى فاصبر واصطبر وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما أعطى أحد عطاء خيرا و أوسع من الصبر) فالأذى مهما طال سوف ينتهي يوما ويبقى الدين وعليك بالإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله أن يكشف عنك الأذى خاصة وقت السحر قبيل الفجر فهو قريب يجيب دعاء المضطر إذا دعاه . قال تعالى " وَإِذَا سَأَلَ**عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ " وإذا قدر الله لك أمرا فارض بقضاء الله فهو أحكم الحاكمين و أرحم الراحمين وقضاؤه للمؤمن كله خير ورحمة.
خامسا : احرص على إخفاء إسلامك في البداية عن أهلك لمدة حتى تتمكن من فهم الإسلام فهما صحيحا وحتى يثبت الإيمان في قلبك وتكون قد كونت علاقات اجتماعية جديدة مع إخوانك المسلمين ليمكنك بعدها بحول الله وقدرته الصمود أمام أي مشكلة قد تواجهها وحتى يجعل الله لك مخرجا وتذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم ظل يدعو للإسلام في مكة سرا ثلاث سنوات وهذه الفترة أيضا سوف تجعل الأهل يلاحظون التغير الإيجابي الذي أحدثه الإسلام فيك من أخلاق حسنة وطاعة للوالدين وتفوق في الدراسة مما يجعلهم أكثر تقبلا عندما تخبرهم بإسلامك فاحرص على أن تكون مثالا جيدا للمسلم الملتزم واعلم أن الإسلام دين يسر لا عسر والضرورات تبيح المحظورات فيه فإن اضطررت من أجل إخفاء دينك في الفترة الأولى أن تفعل بعض الأشياء الممنوعة فلا حرج عليك ومن الأمور التي تباح لك عند الضرورة هو جمع صلاتين وأداءهما معا في وقت واحد إن لم تستطع أداء كل واحدة على حدة وهم صلاتا الظهر والعصر في وقت أي منهما وصلاتي المغرب والعشاء في وقت أي منهما وإن لم تستطع القيام في الصلاة فيمكنك الصلاة جالسا وإن لم تستطع الركوع والسجود فيمكنك أن توميء برأسك وإن لم تستطع فبرمش عينك فإن لم تستطع فبقلبك وكذلم يباح لك عند الضرورة إن خفت على حياتك النطق بكلمة الكفر بلسانك والتوحيد بقلبك كما فعل عمار بن ياسر حين أكرهه المشركون على سب النبي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئناً بالإيمان، قال: إن عادوا فعد .
سادسا : إذا لم تستطع المحافظة على إسلامك في بلدك أو خفت من الفتنة في الدين فالنجاة النجاة واعلم أن أرض الله واسعة و من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ففكر في جميع البدائل الممكنة واخرج بدينك إلى بلد آخر ومكان جديد تأخذ ثواب الإسلام وثواب الهجرة (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً) وتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد تركوا وطنهم مكة وهو أحب البلاد إلى الله وهاجروا بدينهم إلى بلد جديد قال تعالى" وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ " فاخرج إلى بلد غير بلدك واحك للناس قصتك وسوف يتعاطفون معك إن شاء الله ويؤونك فإن عامة الناس يتعاطفون مع المسلمين الجدد.
سابعا : حاول أن تكتسب أصدقاء مسلمين تثق فيهم واندمج معهم سواء في مقر عملك أو دراستك أو في المسجد القريب منك فهم إخوانك ولن يتأخروا عن مساعدتك إن احتجت إليهم يوما والمرؤ قليل بنفسه كثير بإخوانه وإن لم تجد فالإنترنت يتيح لك اكتساب أصدقاء مسلمين من جميع أنحاء الأرض من خلال المنتديات والمواقع الإسلامية والمجموعات البريدية فقط عليك بالمحاولة وسوف تجد بإذن الله ما يسرك ومن المفيد أن تكون على اتصال دائم بأحد أصدقائك المقربين لكي يتابع أخبارك ويطمئن عليك أولا بأول لكي يتصرف بسرعة إن أصابك أي مكروه.
ثامنا : اجتهد في الفترة الأولى للإسلام بزيادة إيمانك- فالإيمان يزيد وينقص- وتزكية نفسك وإصلاح عقيدتك خاصة قبل أن تستعلن بإسلامك وذلك بتلاوة القرآن والقراءة في الكتب وسماع الدروس والمحاضرات وكل ذلك متاح على الإنترنت فأنت الآن في فترة قوة ونشاط وحماس متوهج لتعلم دينك الجديد فاغتنم هذه الفترة وانشغل فيها عن الخوض في مناقشات ومناظرات قد لا تنفعك حتى يقوى إيمانك ويشتد ساعدك فإن كثيرا من الناس يجادل بالباطل أو يجادل بدون أي استعداد لتقبل الحق وحاول تطبيق كل ما تتعلم واعلم أن دين الله متين فأوغل فيه برفق وسوف تكتشف عظمة هذا الدين أكثر كلما تعمقت فيه وحاول التركيز على الأصول العامة للشريعة ولا تكتف بالقراءة ولكن إن استطعت أن تلزم شيخا موثوقا أو شخصا ذا خلق ودين وعلم بالشريعة ليكون دليلا و مرشدا لك وتكتسب منه أخلاق الإسلام تكن وفرت على نفسك خطوات واسعة واعلم أن دين الله هو دين الفطرة ولا يتعارض أبدا مع الفطرة الصحيحة وهو منهج كامل للحياة وليس مجرد شعائر وهو يسير تعلمه يسير تطبيقه قال تعالى " وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ" والتزم بمنهج أهل السنة واحذر أن تتلقفك إحدى الفرق المنحرفة وهي كثيرة وإن رابك شيء أو خفي عليك شيء من معالم الدين فسارع بالبحث فيه وسؤال أهل العلم الراسخين فيه فالصحابة اعتادوا أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما عرض لهم والله يقول في كتابه : " فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" فإن مثل الداخل إلى الإسلام من اليهودية والنصرانية كمثل رجل انتقل من بلده وهي بلد سوء وظلم إلى مدينة جميلة رائعة متكاملة الخدمات فيها كل ما يتمناه الإنسان وأهلها ناس طيبون في الغالب ولكنهم مثل سائر البشر فيهم قلة طالحة .. يجد الإنسان نفسه مبهورا أمام عمارة وبناء هذه المدينة كلما تجول فيها وتعرف عليها أكثر فهو يريد أن يلم بكل جوانبها في ليلة واحدة وهذا غير ممكن وإذا تذكر بلده القديم يحس أن لم يكن فيها مما يراه الآن في هذه المدينة العظيمة إلا الأسماء ففيها أبنية ولكن ليست كهذه الأبنية وفيها مرافق ولكن شتان بينها وبين مدينته الجديدة وأهل بلده القديمة أكثرهم فاسقون وأهل هذه المدينة أكثرهم صالحون يأمن بينهم على نفسه وماله وعرضه ويعيش بينهم في سلام ووئام وإن الإنسان إذا سار وحده في هذه المدينة لاتساعها وتعدد دروبها قد يتوه ولابد له أن يستعين بأهلها الموثوقين الذين يعرفون مداخلها ومخارجها وقد يحاول أهل مدينته القديمة استمالته للرجوع إليهم لما كانوا يجدونه من منفعة من ورائه ولكن هيهات .. أو بعد أن ذاق طعم الحياة ؟ّ!
تاسعا : اعلم أن الإسلام لا يمنعك أن تبر أقاربك إن ظلوا على دينهم وخاصة أبويك فهما أحق الناس بحسن صحابتك ولهما فضل عليك والإسلام لا ينكر لأهل الفضل فضلهم وأخبر أبويك أنك ما زلت ابنهم وأن علاقتك معهم ستكون كما هي أو أفضل من ذي قبل لكن إن أمراك بمعصية فلا تطعهما فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. قال تعالى " وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَ**بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ "
عاشرا : إذا أعلنت إسلامك رسميا وألزمتك سلطات بلدك بحضور جلسة مع القساوسة لمناقشتك في قضية إسلامك فاثبت وتوكل على الله واعلم أن الله الذي هداك للإيمان هو وحده القادر على أن يثبت الإيمان في قلبك فأكثر من الدعاء والتضرع إلى الله وعليك بقراءة الآيات التي تتحدث عن المسيح عليه السلام والنصارى وتلاوتها عليهم في هذه الجلسة وتذكر أنهم سوف يختلقون لك الأكاذيب والافتراءات عن الإسلام وربما يذكرون لك أمثلة ملفقة عن أناس أسلموا ثم ارتدوا-فقد كذبوا كثيرا من قبل- فكن مستعدا لذلك كله وإن خاضوا معك في أمور لا علم لك بها فلا تجبهم وأكثر من ذكر الله وتلاوة آيات القرآن
ويبقى أن نقدم بعض النصائح الخاصة لحالات معينة من الناس لا يخرج عنهم الإنسان في الغالب
إذا كنت رب أسرة فاعلم أن أهلك أمانة في عنقك يجب أن تقوم بشكر نعمة الله أن هداك للإسلام بأن تقدم لهم الإسلام في أحسن صورة . قال الله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ " فكما ورث أبناءك منك النصرانية جاهد أن تحبب إليهم الإسلام وترغبهم فيه وابدأ بأحب أبنائك إلى قلبك وأطوعهم لك وليكن الأمر سرا في البداية وكذلك زوجتك فإن أبت إلا البقاء على دينها فاعلم أن الإسلام لا يحتم عليك طلاقها إن كانت يهودية أو نصرانية بل يمكنك أن تبقيها في عصمتك وكذلك أولادك لا حرج أن تنفق عليهم وتبرهم إن ظلوا على دينهم ولا تمنعهم من أداء شعائر دينهم أو الذهاب إلى الكنيسة فلا إكراه في الدين ولكن إذا خفت من أهلك على نفسك أو رأيت أن بقاءك معهم يمثل فتنة لك أوقد يسبب لك ما لا تستطيع تحمله فالنجاة النجاة بدينك قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُواًّ لَّكُمْ فَاحْذَرُوَهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "
وإذا كنت أختي الكريمة ربة أسرة فحاولي كذلك مع أقرب أبنائك إلى قلبك وزوجك تدريجيا وليكن الأمر بطريق غير مباشر كأن تتكلمي معه في البداية حول الطلاسم والأمور المبهمة في النصرانية التي يعجز عن فهمها القساوسة أنفسهم ثم عن محاسن الإسلام وهكذا حتى تخبريه بإسلامك تدريجيا فإن أبى إلا التمسك بدينه فأخبريه أن هذا فراق بينك وبينه لإن الإسلام لا يبيح لك البقاء مع زوج غير مسلم – ولله في هذا حكمة بالغة- وتذكري أنه بمجرد دخولك الإسلام حرم عليك أن تمكنيه من نفسك ولا أن يرى منك إلا ما يراه الغريب وأما أولادك فلا مانع أن تبقي على اتصال بهم بعد أن تتركي بيت زوجك وإن استطعت أن تصطحبي بعضهم ليكون معك في حياتك الجديدة كان أفضل و إن كنت مصرية فاعلمي أن القانون المصري يكفل حضانة الأولاد الذين دون البلوغ للمسلم من الأبوين ويمكنك الاستعانة بإحدى صديقاتك المسلمات لتدبير سكن جديد أو في البحث عن زوج مسلم صالح. وتذكري أن أهلك أو أهل زوجك قد يختلقون الشائعات المغرضة عنك كما حدث مع الكثيرات فلا تأبهي بأقوالهم الحاقدة وتذكري قول الله تعالى: " إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ".
وأما إذا كنت فتاة وتعيشين مع أسرتك فحاولي كتمان هذا الأمر في البداية لفترة حتى يقوى إيمانك ويزداد صلابة أو حتى تجدين زوجا مسلما تكملي معه مسيرتك في الحياة ولا حرج عليك إن اضطررت للتقصير في بعض الفروض الإسلامية كالحجاب إن كان ذلك سيعرضك لمكروه من أهلك أو لفتنة في دينك حتى يجعل الله لك مخرجا .. فإن علم أهلك بإسلامك ومارسوا عليك الضغوط للارتداد فالنجاة النجاة .. ويمكنك الاستعانة بأي من أخواتك المسلمات أو الذهاب إلى أي جمعية خيرية إسلامية وطلب المساعدة منهم وإن لم تجدي إلا دارا للأيتام لكي تعيشي فيه إلى أن يجعل الله لك مخرجا ... وعموما الزواج بزوج مسلم صالح -ولو كان متزوجا- سوف يضع حدا لكثير من المشاكل بإذن الله ولا مانع إذا رأيت مسلما وشعرت منه بالصلاح والخير فلا حرج أن تعرّضي له بأمر الزواج منك أو تطلبي منه أن ببحثك لك عن زوج وعليك بالاستخارة قبل الإقدام على أي أمر ذي بال.
وإذا كنت طفلا صغيرا وشرح الله صدرك للإسلام فأوصيك بالحذر الشديد وكتمان هذا الأمر حتى عن أمك حتى تكبر قليلا وعليك بحفظ القرآن الكريم واجعله أنيسك في خلوتك وإن علم أحد بإسلامك فاصبر على دينك وإن اضطررت أن تفعل ما يريدون منك ظاهرا وقلبك مطمئن بالإيمان فلا حرج عليك وإن قاطعك أهلك فاعلم أن الله قد أبدلك أبا خيرا من أبيك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمهات فضليات خير من أمك هن أمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وإخوانا خيرا من إخوانك هم جميع المؤمنين فلا تحزن يا صغيري فلست أول طفل يهديه الله للحق ويجاهد من أجله وإن اضطررت للخروج من بيت أبيك فرارا بدينك فاعلم أن الله معك ولن يتخلى عنك فاذهب إلى بيت من بيوت الله (المساجد) واحك قصتك لمن تتوسم فيه الخير والصلاح أو اطلب المساعدة من أحد أصدقائك المسلمين
وأما إذا كنت شابا يافعا فأنت بإذن الله قادر على الاستقلال عن أهلك ويمكنك أن تكد وتعمل لكي تنفق على نفسك ولا تحقر أي عمل يمكنك من الحياة في جو آمن من الفتنة فنبي الله داود كان حدادا ونبي الله محمد رعى الغنم في مكة ولن تعدم مكانا تبيت فيه بإذن الله ولو في المسجد أو أناسا تعيش معهم فأهل الخير كثيرون وتيقن أن الله سوف يجعل بعد عسر يسرا " قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ "
وأخيرا إذا كنت راهبا أو قسيسا أو مطرانا أو شماسا في كنيسة وهداك الله للدين الحق فهنيئا لك دخولك في قوله تعالى : " ذَلِ**بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ . وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ . وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ" واحرص أخي الكريم على أن تكون إماما في الخير كما كنت إماما في الشر قبل ذلك واجتهد بعد إسلامك في الدعوة وانهل من علوم القرآن والسنة قدر وسعك فالأمة بحاجة إلى العلماء ومن الجيد أن تغادر البلد الذي كنت فيه إلى بلد آخر تعبد الله فيه وإن أصابك أذى أو مكروه فاصبر كما صبر الذين أسلموا من قبلك قال تعالى :
" لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِ**مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ" ولا تحتاج لتذكير بكتمان إسلامك حتى تصل إلى مكان تأمن فيه على نفسك ودينك.
وفي الختام نتمنى لك التوفيق في حياتك الجديدة ونذكرك بقول الله تعالى : " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِ**هُمُ الْفَاسِقُونَ