[size=18]بسم الله الرحمن الرحيم
الاهتمام بالنفس: [/size]
البعض قد يصرفون اهتماماتهم ويولون عنايتهم لعقولهم فيزودون عقولهم بالمعلومات والأفكار
فيخدمون عقولهم كثيرا، وبعض الناس يخدمون أجسامهم كثيرا فيقدمون لها الطعام والشراب
واللذات والراحة، ولكن كثيرا من الناس يتساهلون مع أنفسهم مع أنه لا قيمة للعقل ولا قيمة للجسد
إن لم تكن النفس سليمة، فإذا كانت النفس مريضة فإنها تستخدم العقل استخداما سيئا يؤدي بالجسد
إلى الهلكة، ولو راجعنا التاريخ ونظرنا إلى الواقع المعاصر لوجدنا أن أشخاصا لديهم القدرة
الكبيرة في الجانب العلمي والعقلي وعقولهم تختزن معلومات واسعة جدا، ولكنهم في أسفل الدرك
من الشقاء والانحطاط، وأبرز مثال على ذلك هو ((إبليس)) ، فهل كان انحطاطه وشقاؤه لقلة علمه؟
كلا...
إبليس مشكلته لم تأت لقلة معلوماته، بالعكس، فهو في هذا الجانب كان متفوقا، وكان عالما كبيرا
يعلم أشياء لا نعلمها نحن ولم نطلع عليها، ولكن من أين أدين؟ {قال أنا خير منه خلقتني من نار
وخلقته من طين}(16) ، مقتله كان التكبر، والتكبر حالة نفسية وليست عقلية؛ لذلك لم يستطع أن
يستفيد من علمه وعقله، وكثير من الذين انحرفوا، وكثير من الذين شقوا، المشكلة التي كانت عندهم ل
يست مشكلة قلة العلم والمعرفة وإنما هي مرض النفس.
مسئوليتنا تجاه النفس:
إننا قد نصرف أوقاتا على تقديم العلم والمعرفة لعقولنا، وقد نصرف وقتا طويلا على تقديم الراحة
واللذة لأجسامنا ولكن كم نصرف لحماية أنفسنا ولوقايتها من الأمراض النفسية؟
الذين يدرسون في الجامعات الغربية والشرقية في المجالات التي يتوجهون إليها، عقولهم ضخمة،
إن الإنسان ليشعر بالضعة والحقارة أمام تلك العقول الجبارة التي تصمم هذه الآلات والتي تبتكر
هذه الوسائل والآليات الإلكترونية الحديثة، انظروا إلى ما ينتجه الغرب من آلات وسائل ومن تقدم
علمي، هذا عمل عقلي ضخم جدا، ولكن إلى جانب ذلك تترعرع الأمراض والسلبيات والأخطاء
في تلك النفوس فتجعل تلك العقول وتلك الأجساد حطبا للشقاء في الدنيا، وحطبا لجهنم في الآخرة.
التصور الخاطئ:
في بعض الأوقات يخطئ الإنسان فيتصور أن الوقت الذي يصرفه على سلامة نفسه وقت ضائع،
مثلا: إنك حين تذهب إلى المقبرة لتشييع جنازة مؤمن تصرف وقتا في الذهاب والرجوع والبقاء في
المقبرة، هذا الوقت قد تتصور أنك لو صرفته في سبيل نشاط عقلي حيث تطالع كتابا، أو تفكر في
موضوع تفيد به عقلك لكان أفضل، ولكن هل المطلوب مني فقط إفادة عقلي؟ هل المطلوب مني
فقد توفير المعلومات والخدمات للعقل؟ ونفسي أين هي؟ وكيف صحتها وضعها؟
يجب أن أصرف وقتا من أجل تزكية نفسي وهذا هو سر العبادات الإسلامية وسر التوجيه إليها،
إنك تصرف وقتا على الصلاة والدعاء وعلى تشييع جنائز الموتى ولمحاسبة النفس
إذا لم يكن هناك توازن بين تقدم علم الإنسان وتوسع محيط إدراكه وعقله مع سلامة نفسه فهناك
خطر كبير على مستقبل الإنسان. فيجب أن نهتم بسلامة أنفسنا وليكن من برامجنا فترة للعناية بها.
بعد كل هذة الحقائق نرى ان الصحة النفسية لا تقل أهمية عن التحصيل العلمي أو الصحة الجسدية
والسـلام خيـــر الخـــــتـــــــام