اصلاحيات
يتميز الشعب البوسني باللطافة والود الذي قلما تجد مثله في أوروبا التي طغت عليها الماديات
تقع جمهورية البوسنة والهرسك في قلب أوروبا حيث دول البلقان , ولا تزيد الرحلة إليها من الكويت بالطائرة من دون توقف عن أربع ساعات إلا بدقائق معدودات , وقد يتوقع زائرها أنه سيرى مظاهر الفقر تطغى عليها جراء الحرب الدامية التي مرت بها , لكن الع**صحيح فقد زادتها الحرب قوة وصلابة , وجعلت من الصراعات الطائفية أو العرقية أمرا لا يمكن أن يتكرر , فهي تعيش أبهى صور التعايش السلمي بين قومياتها الثلاث الرئيسية البوشناق (المسلمون) والصرب والكروات , حيث يرى البوشناقي المسلم , ذلك الصربي قاتل أبيه أو أخيه أو كليهما معا يتجول حرا طليقا في الشوارع ولا يلجأ إلا إلى القضاء ليقتص منه , وهذا تعامل حضاري يندر أن يرى في دولة خاضت أبشع الحروب العرقية على مر التاريخ الحديث على الأقل.
يتميز الشعب البوسني باللطافة والود الذي قلما تجد مثله في أوروبا التي طغت عليها المادية التي صاحبت التمدن , حيث يحاول البوسنيون تقديم المساعدة للزائر مهما كلفهم الأمر من عناء ومشقة , وعلى الع**من ذلك فإن الزائر لن يواجه أي تدخل أو تطفل مالم يطلب المساعدة , فالزائر يتجول في كل مكان وزمان من دون مضايقة من أحد.
وتعد جمهورية البوسنة والهرسك أقل دول أوروبا من حيث معدل الجريمة , وهذا ما يجعلها أكثر دول أوروبا أمنا , وهو ما يجعل الزائر لا يفاضل بين أي زمان أو مكان , فكل مكان آمن بإذن الله وفي كل وقت .
وهي من أجمل البلدان من حيث الجمال الطبيعي , فطبيعتها الخلابة تخالل حتى عاصمتها التي تبدو وكأنها بلدة ريفية كبيرة , فلا تجد في سراييفو صخب المدينة المقلق للراحة , ولا التلوث البيئي , وأما النظافة فهي لا تقل شأنا بها عن نظيراتها الأوروبية التي تتميز بالنظافة , وبمجرد السير بالسيارة لما يقارب الربع ساعة , فإنك ستجد نفسك على مشارف الريف البوسني الهادئ ذي الجمال الأخاذ.
أما وسط مدينة سراييفو فينقسم إلى قسمين رئيسيين , أولهما البلدة القديمة وهي طرق صغيرة وأزقة على جانبيها بعض المحال التجارية التي تبيع المشغولات اليدوية من نحاس وملابس محاكة من الصوف يدويا والسجاد , وكذلك بعض المطاعم الصغيرة التي يدار بعضها من قبل عائلات تضيف لها شيئاً من الدفء في ظل الأجواء الباردة , كما تنتشر المقاهي التي تقدم القهوة البوسنية والتي تشابه القهوة التركية , ولا أجمل من الجلوس في هذه المقاهي والتمتع بجمال المباني القديمة التي حيثما التفت فإنك ستجد المآذن العثمانية تعانقها لتزيد من جمالها وروعتها.
وأما القسم الثاني فهي أسواق حديثة تقع في شوارع واسعة , تنتشر فيها المحال الحديثة الموجودة في معظم مدن العالم.
وتمتاز العاصمة البوسنية بعراقة قلما تجد مثلها , ففي أحد أطرافها وبالقرب من المطار تحديدا , لا يزال النفق الذي استخدمه مسلمو البوسنة للتحرر من الحصار الصربي كشاهد على صمود ذلك الشعب وتكاتفه وتعاضده في الشدائد , حيث تحول أحد طرفيه إلى متحف صغير بحجمه كبير بتاريخه وبما تم به من بطولات سطرها أولئك الأبطال الذين لا يزالون أبطالا بتضحيتهم ودفعهم ضريبة العيش بسلام تلك الضريبة التي جعلت ممن ارتكب بحقهم وبحق الانسانية أبشع الجرائم يتجول أمام أعينهم حرا طليقا.
في سراييفو انطلقت أول شرارة للحرب العالمية الأولى , عندما اغتال شاب صربي ولي عهد النمسا وزوجته , فبدأت بعدها الحرب العالمية الأولى , فتحول المبنى الملاصق لهذه الحادثة إلى متحف ضم كل ما يخص هذه الحادثة التي غيرت مجرى التاريخ , وذلك كله يضفي عراقة للعاصمة البوسنية سراييفو.
وتعد البوسنة من الدول الرخيصة نسبيا , وربما تكون متجهة نحو الغلاء خلال السنوات القليلة المقبلة فهي اليوم ثالث أكثر دول العالم من حيث النمو السياحي , وستدخل إلى الاتحاد الأوروبي وهذه أسباب تجعلها مرشحة للغلاء الذي سيجعلها في مصاف شقيقاتها في الاتحاد الأوروبي.
كما توجد في البوسنة مصحات علاجية كتلك الموجودة في التشيك و سلوفاكيا حيث يوجد بها العلاج بالطين والمياه الكبريتية.
وربما لأن الكويتيين ممن يسمح لهم بدخول البوسنة من دون تأشيرة , فإنهم أكثر مواطني الشرق الأوسط زيارة للبوسنة , فلم لا وهي تستحق الزيارة من أجل السياحة , فهي بلد جميل ونظيف وشعبها ودود وذو طبيعة خلابة قلما تجد لجمالها مثيلاً